مفاعل ديمونا- تهديد نووي إسرائيلي وإرهاب للمنطقة
المؤلف: صدقة يحيى فاضل08.31.2025

تُعدّ محطة "ديمونا" النووية الإسرائيلية القلب النابض للنشاط النووي العسكري الصهيوني، فهي بمثابة المصنع الذي مكّن إسرائيل من امتلاك ترسانة نووية هائلة، تقدر بنحو مئتي رأس نووي، وموجهة بالفعل نحو التجمعات السكانية العربية الرئيسية، سواء في المشرق أو المغرب العربي. لقد كشف الفني النووي الإسرائيلي "مردخاي فانونو"، وغيره من المطلعين، عن الأعمال الرهيبة التي تجري داخل هذه المحطة، مؤكدين قيام إسرائيل بتصنيع قنابل نووية بهدف ترهيب خصومها وإخضاعهم.
تقع هذه المحطة في مدينة "ديمونا"، الواقعة في شمال صحراء النقب، على بعد حوالي 70 كيلومترًا من مدينة "بئر السبع". ويعتقد على نطاق واسع أنها شُيدت بالقرب من بعض مناجم اليورانيوم الغنية الموجودة في صحراء النقب. وتضم المحطة مفاعلًا ذائع الصيت، فرنسي الصنع، وتبلغ طاقته 26 ميجاوات حراري. هذا المفاعل هو من نوع الماء الثقيل، حيث يستخدم "اليورانيوم" العادي، أو المخصب بدرجة متدنية، كوقود، ويستخدم "الماء الثقيل" كمبرد ووسيط. يذكر أن إسرائيل حصلت على هذا المفاعل بموجب اتفاقية أبرمتها مع فرنسا في عام 1957م.
منذ إنشائه، تم تخصيص هذا المفاعل بالكامل لتصنيع الأسلحة النووية، ووضع (بسرية تامة) تحت إشراف وزارة الدفاع الإسرائيلية، التي بدأت بتشغيل المفاعل في مطلع عام 1964م. بقي هذا المفاعل، الذي ترفض إسرائيل إخضاعه لأي شكل من أشكال الرقابة أو التفتيش الدولي، سرًا دفينًا، لم يعرف حقيقته (وطبيعة نشاطه) إلا قلة قليلة من قادة إسرائيل وأمريكا.
لم يتم الكشف عن وجود هذا المفاعل إلا في عام 1960م. ومع ذلك، نفى رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت، ديفيد بن جوريون، وجود أي مفاعل نووي في ديمونا، وادعى أن ما يُظن أنه مفاعل نووي ليس سوى "معمل نسيج". ثم عاد بن جوريون نفسه (في 21 ديسمبر 1960م) واعترف بأن مفاعلًا نوويًا يجري بناؤه في ديمونا بمساعدة من فرنسا، لكنه أصر على أن هذا المفاعل قد أُنشئ "للأغراض السلمية" فقط!.
تتجلى أهمية مفاعل ديمونا، من الناحية العسكرية، في حقيقة أن هذا المفاعل ينتج مادة "البلوتونيوم" بكميات وافرة تكفي لصنع قنابل نووية، وفي كونه لا يخضع لأية رقابة أو مساءلة من أي جهة أجنبية. ويزيد من هذه الأهمية والخطورة امتلاك إسرائيل لمعمل لاستخلاص البلوتونيوم من وقود المفاعل المستهلك، وقدرة إسرائيل على إنتاج "الماء الثقيل" محليًا. كما تأكد بما لا يدع مجالًا للشك امتلاك إسرائيل الآن لمعمل لتخصيب اليورانيوم، يقع داخل محطة ديمونا نفسها.
لقد مر على إقامة مفاعل ديمونا وتشغيله ما يقرب من ثمانية عقود. ونتيجة لذلك، بدأ هذا المفاعل يتقادم ويهترئ، وبدأت تتسرب منه "إشعاعات" قاتلة، تهدد بأضرارها منطقة النقب بأسرها، بل وحتى البلدان المجاورة لفلسطين. ولهذا السبب، أصبح مفاعل ديمونا يمثل خطرًا جسيمًا على البيئة المحيطة، بالإضافة إلى كونه يمد إسرائيل بالمواد الضرورية لصناعة المزيد من القنابل النووية، الموجهة ضد الجيران من العرب والمسلمين.
تمتلك إسرائيل وسائل كافية لحمل هذه الرؤوس النووية وقذفها ضد أهداف تمتد من المحيط الأطلسي غربًا إلى الخليج العربي شرقًا. فهي تمتلك صواريخ أرض-أرض متوسطة وطويلة المدى، وطائرات وغواصات مجهزة تجهيزًا كاملًا لحمل وقذف الأسلحة النووية. وتستخدم إسرائيل هذا السلاح النووي على مدار الساعة وتستفيد منه إلى أقصى درجة.
إنها "تعربد" في المنطقة، وتفعل ما تشاء، وترتكب الجرم تلو الآخر، ولا يستطيع أحد "ردعها" من أغلب الجيران؛ لأنها تمتلك (هي وحدها) رادعًا نوويًا قويًا جاهزًا للاستخدام الفعلي، كما تستخدم "وجوده" لتهديد وابتزاز وإرهاب معارضي السياسات العدوانية الصهيونية، والضغط بهذه الورقة لتمرير السياسات الاستعمارية الصهيونية في المنطقة. ومن يقول: "إن إسرائيل لا تستخدم (ولن تستخدم) سلاحها النووي إلا عند تهديد بقائها فقط" لا يفهم نظرية الردع النووي وأبعادها، ولا يدرك (مع الأسف الشديد) أبجديات العلاقات الدولية، وخاصة شقها المتعلق بالصراعات.
لقد منحت إسرائيل (ومن يدعمها) نفسها الحق المطلق في احتكار السلاح النووي في المنطقة، والتهديد بامتلاكه، وردع معارضي سياساتها عن التصدي لها. وها هم قادتها يبالغون (بوقاحة غير مسبوقة) في أي إمكانية نووية في المنطقة، في حين أن خزائنهم ممتلئة بترسانة ضخمة من جميع أسلحة الدمار الشامل، التي يهددون بها المنطقة، ويرهبونها، ويبتزونها. ومن المثير للدهشة أن يساهم بعض المستهدفين (بهذا الرادع الإسرائيلي) في الترويج لمبدأ احتكار إسرائيل للسلاح النووي، وذلك عبر التقليل من الخطر النووي الإسرائيلي، وتجاهل هذا الخطر، وغير ذلك من مظاهر التحامل والغباء وخيانة الذات.
بالعودة إلى "ديمونا"، نجد أن قوات الجيش الإسرائيلي أعلنت (في شهر نوفمبر 2007م) حالة "تأهب قصوى" في محيط هذا المفاعل، وتم خلالها تجهيز بطاريات صواريخ "باتريوت" المنصوبة حول المفاعل لحمايته. وصرحت مصادر عسكرية إسرائيلية بأن هذه الحالة جاءت على إثر التطورات الدرامية التي شهدتها المنطقة مؤخرًا. وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين: إن هناك تحسبًا لعملية سورية انتقامية بعد الغارة التي تم فيها قصف مفاعل سوري في منطقة دير الزور في شهر سبتمبر 2007م. واستبعد أن يكون الهجوم إيرانيًا أو عملية إرهاب دولي!.
كل هذه المعطيات تؤكد خطورة "ديمونا"، باعتبارها "المصدر" الذي زود إسرائيل، ولا يزال يزودها، بالبلوتونيوم واليورانيوم اللازمين لتصنيع قنابل نووية تهدد بها المنطقة، وترهبها وتبتزها، وتضمن لها (ولو إلى حين) استمرار ممارسة إرهاب الدولة وبقية سياساتها الإجرامية المعروفة. كما أن هذا المفاعل يمثل خطرًا جسيمًا على البيئة المحيطة، بسبب تقادمه واحتمال تعرضه لهجمات. ومن أبرز التسريبات حول هذا المفاعل ما شهد به الفني النووي الإسرائيلي المنشق موردخاي فانونو، وما كشف عنه من تصنيع أسلحة نووية في ديمونا. وقد تكون لنا وقفة لاحقة مع شهادته. فهل يستمر "المجتمع الدولي" ووكالة الطاقة الذرية في تجاهل هذا الخطر القاتل، لأنه (بصفة رئيسة) يطال العرب؟!
تقع هذه المحطة في مدينة "ديمونا"، الواقعة في شمال صحراء النقب، على بعد حوالي 70 كيلومترًا من مدينة "بئر السبع". ويعتقد على نطاق واسع أنها شُيدت بالقرب من بعض مناجم اليورانيوم الغنية الموجودة في صحراء النقب. وتضم المحطة مفاعلًا ذائع الصيت، فرنسي الصنع، وتبلغ طاقته 26 ميجاوات حراري. هذا المفاعل هو من نوع الماء الثقيل، حيث يستخدم "اليورانيوم" العادي، أو المخصب بدرجة متدنية، كوقود، ويستخدم "الماء الثقيل" كمبرد ووسيط. يذكر أن إسرائيل حصلت على هذا المفاعل بموجب اتفاقية أبرمتها مع فرنسا في عام 1957م.
منذ إنشائه، تم تخصيص هذا المفاعل بالكامل لتصنيع الأسلحة النووية، ووضع (بسرية تامة) تحت إشراف وزارة الدفاع الإسرائيلية، التي بدأت بتشغيل المفاعل في مطلع عام 1964م. بقي هذا المفاعل، الذي ترفض إسرائيل إخضاعه لأي شكل من أشكال الرقابة أو التفتيش الدولي، سرًا دفينًا، لم يعرف حقيقته (وطبيعة نشاطه) إلا قلة قليلة من قادة إسرائيل وأمريكا.
لم يتم الكشف عن وجود هذا المفاعل إلا في عام 1960م. ومع ذلك، نفى رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت، ديفيد بن جوريون، وجود أي مفاعل نووي في ديمونا، وادعى أن ما يُظن أنه مفاعل نووي ليس سوى "معمل نسيج". ثم عاد بن جوريون نفسه (في 21 ديسمبر 1960م) واعترف بأن مفاعلًا نوويًا يجري بناؤه في ديمونا بمساعدة من فرنسا، لكنه أصر على أن هذا المفاعل قد أُنشئ "للأغراض السلمية" فقط!.
تتجلى أهمية مفاعل ديمونا، من الناحية العسكرية، في حقيقة أن هذا المفاعل ينتج مادة "البلوتونيوم" بكميات وافرة تكفي لصنع قنابل نووية، وفي كونه لا يخضع لأية رقابة أو مساءلة من أي جهة أجنبية. ويزيد من هذه الأهمية والخطورة امتلاك إسرائيل لمعمل لاستخلاص البلوتونيوم من وقود المفاعل المستهلك، وقدرة إسرائيل على إنتاج "الماء الثقيل" محليًا. كما تأكد بما لا يدع مجالًا للشك امتلاك إسرائيل الآن لمعمل لتخصيب اليورانيوم، يقع داخل محطة ديمونا نفسها.
لقد مر على إقامة مفاعل ديمونا وتشغيله ما يقرب من ثمانية عقود. ونتيجة لذلك، بدأ هذا المفاعل يتقادم ويهترئ، وبدأت تتسرب منه "إشعاعات" قاتلة، تهدد بأضرارها منطقة النقب بأسرها، بل وحتى البلدان المجاورة لفلسطين. ولهذا السبب، أصبح مفاعل ديمونا يمثل خطرًا جسيمًا على البيئة المحيطة، بالإضافة إلى كونه يمد إسرائيل بالمواد الضرورية لصناعة المزيد من القنابل النووية، الموجهة ضد الجيران من العرب والمسلمين.
تمتلك إسرائيل وسائل كافية لحمل هذه الرؤوس النووية وقذفها ضد أهداف تمتد من المحيط الأطلسي غربًا إلى الخليج العربي شرقًا. فهي تمتلك صواريخ أرض-أرض متوسطة وطويلة المدى، وطائرات وغواصات مجهزة تجهيزًا كاملًا لحمل وقذف الأسلحة النووية. وتستخدم إسرائيل هذا السلاح النووي على مدار الساعة وتستفيد منه إلى أقصى درجة.
إنها "تعربد" في المنطقة، وتفعل ما تشاء، وترتكب الجرم تلو الآخر، ولا يستطيع أحد "ردعها" من أغلب الجيران؛ لأنها تمتلك (هي وحدها) رادعًا نوويًا قويًا جاهزًا للاستخدام الفعلي، كما تستخدم "وجوده" لتهديد وابتزاز وإرهاب معارضي السياسات العدوانية الصهيونية، والضغط بهذه الورقة لتمرير السياسات الاستعمارية الصهيونية في المنطقة. ومن يقول: "إن إسرائيل لا تستخدم (ولن تستخدم) سلاحها النووي إلا عند تهديد بقائها فقط" لا يفهم نظرية الردع النووي وأبعادها، ولا يدرك (مع الأسف الشديد) أبجديات العلاقات الدولية، وخاصة شقها المتعلق بالصراعات.
لقد منحت إسرائيل (ومن يدعمها) نفسها الحق المطلق في احتكار السلاح النووي في المنطقة، والتهديد بامتلاكه، وردع معارضي سياساتها عن التصدي لها. وها هم قادتها يبالغون (بوقاحة غير مسبوقة) في أي إمكانية نووية في المنطقة، في حين أن خزائنهم ممتلئة بترسانة ضخمة من جميع أسلحة الدمار الشامل، التي يهددون بها المنطقة، ويرهبونها، ويبتزونها. ومن المثير للدهشة أن يساهم بعض المستهدفين (بهذا الرادع الإسرائيلي) في الترويج لمبدأ احتكار إسرائيل للسلاح النووي، وذلك عبر التقليل من الخطر النووي الإسرائيلي، وتجاهل هذا الخطر، وغير ذلك من مظاهر التحامل والغباء وخيانة الذات.
بالعودة إلى "ديمونا"، نجد أن قوات الجيش الإسرائيلي أعلنت (في شهر نوفمبر 2007م) حالة "تأهب قصوى" في محيط هذا المفاعل، وتم خلالها تجهيز بطاريات صواريخ "باتريوت" المنصوبة حول المفاعل لحمايته. وصرحت مصادر عسكرية إسرائيلية بأن هذه الحالة جاءت على إثر التطورات الدرامية التي شهدتها المنطقة مؤخرًا. وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين: إن هناك تحسبًا لعملية سورية انتقامية بعد الغارة التي تم فيها قصف مفاعل سوري في منطقة دير الزور في شهر سبتمبر 2007م. واستبعد أن يكون الهجوم إيرانيًا أو عملية إرهاب دولي!.
كل هذه المعطيات تؤكد خطورة "ديمونا"، باعتبارها "المصدر" الذي زود إسرائيل، ولا يزال يزودها، بالبلوتونيوم واليورانيوم اللازمين لتصنيع قنابل نووية تهدد بها المنطقة، وترهبها وتبتزها، وتضمن لها (ولو إلى حين) استمرار ممارسة إرهاب الدولة وبقية سياساتها الإجرامية المعروفة. كما أن هذا المفاعل يمثل خطرًا جسيمًا على البيئة المحيطة، بسبب تقادمه واحتمال تعرضه لهجمات. ومن أبرز التسريبات حول هذا المفاعل ما شهد به الفني النووي الإسرائيلي المنشق موردخاي فانونو، وما كشف عنه من تصنيع أسلحة نووية في ديمونا. وقد تكون لنا وقفة لاحقة مع شهادته. فهل يستمر "المجتمع الدولي" ووكالة الطاقة الذرية في تجاهل هذا الخطر القاتل، لأنه (بصفة رئيسة) يطال العرب؟!